تَسَجَّى عَلى مائِدَةِ الرُّوحِ
أَطلَقَ لِعَقلِهِ العَنانَ
وَضَعَ رِجلاً فَوقَ رِجلٍ
كُنتَ ذاتَ يَومٍ
حَيّاً هُناكَ ..
كُنتَ تَأكُلُ مَعَ اللَّيلِ
فُتاتَ النُّجومِ
و تَشربُ نَبيذَ القَمرِ
و تَلهو معَ العُشبِ و الشَّجرِ
و يَمشي عَلى ضِفَتيكَ
تَنينُ الهَوى
و تَتَماهَى نَفسُكَ بِالنَّزَقِ
كُنتَ يَوماً
فَلكاً يَدورُ في دُنيا البَشَرِ..!
* * *
فَجأة ..!
تَتَّسِعُ في رُوآهُ فسحَةُ الغَيبِ
و تَقفُ منهُ النَّفسُ عَلَى أَعتابِ السَّماءِ
ماذا يَدورُ هُناكَ ؟
هُيولَى
أَرواحُهُمْ نَشوَى مِنَ الضَّجرِ ..!
اَحياءٌ بِلا أَجسادٍ ..!
و اَصواتٌ بِلا أَسماءٍ ..!
و سبحاتٌ بِلا أَكوانٌ ..!
و بِلا معابِدٍ و بِلا صَلواتٍ ..!
عندَ الفجرِ يَهيمونَ حَولَ الأَزَلِ
و في المَساءِ يَؤبونَ إِلَى مَقامِ الخُلودِ
مِنْ دونِ شَمسٍ أَوقَمَرٍ ..!
* * *
بَناتُ الخَيالِ ـ حَقيقَةً ـ
تَسموبِهِ في فُلاةِ الغَيبِ
و يَتَسامَى في نَفسِهِ الزَّمَنُ بَعدَ الزَّمَنِ
يا مَلكَ المَوتِ ... أَخبرني
عَنْ حَقيقَةِ الزَّمَنِ يَتَكَوَّرُفي جثَّةِ الزَّمَنِ ؟
عَنِ اللهِ في قَضاءِ العَقلِ و القَدرِ ..؟
أَيخلُقُ البُؤسَ في معطفِ الغَيبِ للإِنسانِ ..!؟
أَمْ عَدلٌ قَضاؤُهُ
في صِراعِ الإِنسانِ مَعَ الإِنسانِ
عَلَى الحياةِ ..؟
اَيُبرمُ خَيارَ الإِنعتاقِ
في خُلُقِ الغَنيِّ
و في خُلُقِ الفَقيرِ
مِنَ السَّعادَةِ و الشَّقاءِ ..؟
* * *
عَلَى حينِ غَمرَةِ المنيَّةِ
يَضيقُ بِهِ الزَّمانُ و المَكانِ
تَطرقُ الرُّوحَ صَحوَةُ المَوتِ
يَتَفَجَّرُ الفِكرُ في صَدَى الغَيبِ
و يَذوبُ السُّؤالُ في السُّؤالِ ..!
و ناطِقُ المَوتِ يَتَجَلَّى
في مَصيرِ الجَوابِ ..
يا ابنَ الموتِ و الحياةِ:
عَدَمٌ كانت حياتكَ هُناكَ
عمرك نفس العدم
و مَوتُكَ فَناُْءُ العدمِ
يا ابنَ الموتِ و الحياةِ :
أَدمَنتَ النَّظَرَ أَمامَكَ في الصَّلاةِ
و أَدمَنتَ الصِّيامَ في الظِّلالِ
و حَجَجتَ مُتَشَيِّئاً مَعَ الأَشياءِ
رَأَيتَ اللهَ عَلى حَرفٍ واحدٍ هُناكَ
و غابَتْ عَنْ شَهوَةِ روحِكَ
صورٌ و أَشكالٌ
في النَّهارِ إِذا غابَ في الضِّياءِ
و في اللَّيلِ إِذا أَشرقَ بِالظَّلامِ
و عُيونُ عَقلِكَ عَنْ عِبادَةِ فِكرِكَ
ضاعَتْ في السَّرابِ ..!
* * *
يا ابنَ الموتِ و الحياةِ :
مَنْ قالَ اللهُ ضِدَّ الحَقيقَةِ
في الزَّمانِ و المَكانِ ..؟
و ضِدّ الحريَّةِ
بينَ الوجودِ و العَدمِ.. هُناكَ ..؟
يا عَبدَ اللهِ
اِذكُر العَهدَ المُرتَجَى :
كانَ اللهُ مَعكَ مًُتَجَليّاً بِالمَغفرِةِ
إِذا الذَنبُ بِكَ هَفَا
و إِذا الإِثمُ بِكَ سَما
يا عَبدَ اللهِ و ابنَ عبدهِ و ابنَ أَمتِهِ :
بِأَثوابِ المَنيَّةِ
رَحمَةُ اللهِ أَتَتكَ
فَحَيهلا ... و لا تَخشَى المَقبَرة ..!
و لا تَرهَبْ ظُلماتِ القَبرِ و المَقبرَة
و اِرتَشِفْ مِنْ رَحيقِ السَّعادَةِ دَوماً
مُتَّحِداً مَعَ اللهِ في الآخِرَةِ ..!