المُسافرُ الخَفيُّ
أنا المُسافرُ الخَفيُّ
أَجولُ كَطائِرِ السّنونو
في مجاهل البحار و الأَنواءِ
أسيرُ كَالآهاتِ و المَخاوفِِ
فَوقَ قيدِ الهمومِ
تحتَ حَبلِ المَشانقِ
أنا المُسافرُ الخَفيُّ
خَرجتُ مِنْ عباءَةِ السّنينَ
و لَمْ أَخشَى سَطوَةَ الرّياحِ
لَمْ أَخشَى الحواجزَ
عندَ مَعابرِ المرافئ
أَحملُ بينَ جَناحيّ
وَجعَ التّاريخِ
و مِنْ عَينَيّ تَتساقطُ
عَبراتُ الأَيّامِ
و أطوي في صَدري
ألمَ الإباءِ كَثائرٍ على العدوِّ
في جَحافلِ المواقفِ
***
أَنا المُسافرُ الخَفيُّ
أُسافرُ في مَجاهلِ الظَلامِ و الأَنينِ
أُسافرُ في وَجهِ السّماءِ
تَجاوَزتُ عُنفوانَ المَحطَّةَ الأَخيرةِ
تَجاوزتُ زَلزلةَ الإعصارِ
في وهدةِ المقابرِ
أُنادي على الغيمِ
أَنْ يَسبقَني
إِلى حيثُ يُحملُ أَجلي المَجهولِ
و يُنشرُ جِراحيّ المَحمومِ .. هُناكَ
على صراطِ الغَيبِ
بينَ تَلألىءِ الغروبِ
و تَورّمِ الشّمسِ
عندَ سكّةِ المَشارقِ
***
أَنا المُسافرُ الخَفيُّ .. و لا فخرٌ ..!
أجوبُ
كَطائِرِ السّنونو
مهادَ الحُزنِ و الحنينِ
باحثاً عَنْ عاشقٍ
لِِقمرِ المحبَّةِ
يَنتَمي لِبَنفسجِ الجِبالِ
و لِزرقةِ الوديانِ و السّواحلِ
أَتَطلّعُ مِنْ شُرفاتِ البُكاءِ
إِلى تَبَسّمِ الموتِ
عَلى شِفَّةِ اللّيلِ
و اِنقضاءِ مَعنَى الحُلمِ
و الاِنتظارِ
مِنْ خَفقَاتِ قلبيّ الرّءومِ
بينَ تَجليّاتِ العَدمِ
السّاكنِ في المحالِ
و الدّمعِ الشّامخِ كَالبيارقِ ..!
[b][center]