غزة-دنيا الوطن
عصام الشوّالي، دخل عالم التعليق الرياضي صدفة، ثم انتقل للعمل في راديو وتلفزيون العرب (إيه آر تي)، ليصبح اليوم احد
على مباريات كرة القدم. وقد برز في نقله لمباريات كأس العالم الأخيرة بأسلوبه الذي لفت الأنظار وأثار الكثير من الجدل، خاصة مع مباراة المنتخبين السعودي والتونسي في كأس العالم.
فبماذا اعترف عن هذه المباراة؟ وماذا قال عن نجوم كرة القدم العرب والأجانب؟..
أنت من المعجبين كثيراً بـ «زيزو» (زين الدين زيدان)، فكيف ـ بعيداً عن التعاليق المحايدة عبر التلفزيون ـ كان رد فعلك الشخصي إزاء «النطحة»، التي أسقط بها أرضاً المدافع الايطالي ماركو ماتيراتزي في نهائي كأس العالم الأخيرة؟
ـ تعاطفت مع زيدان وتفهمت ردة فعله، فقد وقع استفزازه مرات متكررة، وتعمّد المدافع الايطالي المس من كرامته. وككل إنسان غيور على شرفه، فإنه لم يقبل الإهانة، وهو يبقى عندي لاعباً خارج الرتبة، فقد وصل القمة على غرار بيليه ومارادونا، حتى وهو يغادر الملعب بعد أن أخرجه الحكم، فإنه «نجم» حافظ لدى الجماهير على مكانته، بل إنه خطف من الايطاليين ـ على طريقته ـ فرحتهم بالكأس وحجب عنهم انتصارهم. ثم إني محب لزيدان اعتباراً لأصوله العربية الجزائرية، والدم ـ كما يقال ـ غلاّب!.
< هل تشعر بتعاطف خاص ـ مثل الكثيرين ـ مع اللاعب الفرنسي فرانك ريبيري، وهو الذي اعتنق الإسلام وتزوج من جزائرية؟
ـ نعم أتعاطف معه، فكلما سجل هدفاً أو قام بتمريرة رشيقة للكرة، فإن نبرتي أثناء التعليق تعكس إعجابي به.. وهذا الإعجاب منبعه إدراكي الباطني بأنه اعتنق الدين الإسلامي، كما أنني أتعاطف مع اللاعبين المسلمين من السود الأفارقة، ومع الذين هم من أصول عربية. علماً بأن اعتناق الإسلام لدى لاعبين دوليين، أصبح ظاهرة، فاللاعب الفرنسي «تيري هنري»، اعتنق هو أيضاً الإسلام، وكنت من الأوائل الذين كشفوا عن ذلك، رغم ان اللاعب اخفى ذلك. متعللاً بأنها مسألة شخصية.
لم أكن محايداً
< هل تعتقد ـ وأنت تنقل مقابلة تونس والسعودية في كأس العالم، أنك نجحت في أن تكون محايداً؟
ـ في تعليقي على الشوط الأول لم أكن محايداً، لأن المنتخب التونسي كان ممتازاً. وعندما سجل زياد الجزيري الهدف الأول في المباراة، أعترف بأني ربما فقدت موضوعيتي وحيادي، فقد هزتني النشوة لدرجة أني بقيت طيلة الشوط تخرج الكلمات مني سلسة وتكاد تكون منغمة.
< لكن موقفك تغير في الشوط الثاني؟
ـ فعلاً، في الشوط الثاني تراجع مردود المنتخب التونسي، وكان سيئاً، وفرض عليّ ذلك أن أكون محايداً، وأعطيت في تعليقي المنتخب السعودي حقه، وهو الذي سجل هدفين ممتازين، وقد شهد أصدقائي وزملائي السعوديون بأني كنت فعلاً محايداً في الشوط الثاني، إلا حين سجل الجعايدي هدف التعادل في آخر لحظة، واعترفت لهم بأني في تلك اللقطة «خرجت من عقلي»، لان المنتخب التونسي مثله كمثل من سقط في بئر وأوشك على الغرق، وفجأة جاء مَن انتشله وأنقذه.
< يُفهم من كلامك أنه لا وجود لحياد تام في التعليق على مباريات كرة القدم؟
ـ إني تونسي، ونبرات صوتي ـ حتى ولو اجتهدت لأكون محايداً ـ تخدع انتمائي، ثم إنه فعلاً لا وجود لحياد تام أبداً، والانتماء يغلب الحياد. وقد سألني صحافي سعودي قبل المونديال عن مسألة الحياد، فأجبته بصراحة بأني لست منافقاً، ورغم ذلك فإني ملزم بقول الحقيقة أثناء التعليق.
مناصرة كل منافس لغانا
< زميلك المعلق اشرف شاكر، تجاهل رفع اللاعب الغاني جون بانتسيل العلم الإسرائيلي، ولم يعلق عليه ولو بكلمة واحدة، ماذا لو كنت أنت مكانه ساعتها؟
ـ زميلي فضّل الصمت احتقاراً للاعب الغاني، ولو كنت مكانه لشتمت جون بانتسيل، وربما تسوقني عاطفتي إلى ما لا تحمد عقباه. ورغم اعتذار غانا رسمياً لدى جامعة الدول العربية، فإني قلت علناً على الهواء «عذراً غانا، فإني لا أقبل اعتذارك».
وقد اتخذت موقفاً يتمثل في مناصرتي علناً، في كل مباراة انقلها أو أعلق عليها، لأي فريق أو أي منتخب يلعب ضد غانا.
< بعض المشاهدين قال إنك كنت متعصباً لفرنسا تعصباً شديداً عند تعليقك على نهائي المونديال، ما ردك؟
ـ لا اخفي أني في كرة القدم برازيلي الهوى، واني أميل أيضاً إلى الكرة الإيطالية. وأزعم ـ رغم قناعاتي الخاصة ـ بأني سعيت لملازمة الحياد، بل اني كنت سعيداً بفوز إيطاليا بكأس العالم. لكن سبب اتهامي اعتقاد البعض بأننا نحن التونسيين تربطنا علاقات تاريخية ولغوية بفرنسا، وذهب في ظنهم أن تلك الروابط تجعلني من صف فرنسا، وهو مجرد ظن، والحقيقة أن تفاعلي كان في مباراة النهائي مع الكرة «الحلوة»، مهما كان مأتاها من فرنسا أو من ايطاليا.
هؤلاء اعجبوني
سامي الجابر: الخبرة.
محمد أمين: حماس الشباب.
حسين عبد الغني: اتقان المحاصرة وخاصة محاصرة حاتم الطرابلسي في مباراة تونس والسعودية.
المنتخب التونسي
الحارس علي بومنيجل: متميز.
زياد الجزيري: افضل لاعب عربي في كأس العالم 2006.
عصام وزوجته
< زوجتك مثلك معلقة رياضية وتنقل مباريات كرة القدم الرجالية من الملاعب، ألا يحرجك ذلك والكل يعلم أن الجماهير في الملاعب تردد أحياناً الصيحات البذيئة والكلمات النابية؟
ـ كرجل شرقي تضايقت في البداية، وكنت ارجو ألا تقتحم زوجتي مجال النقل الحي لمباريات كرة القدم، لكني اليوم نضجت ولا أريد أن أكون عقبة امام نجاح زوجتي المهني. ولأني تذوقت النجاح، فلا أريد أن أحرمها من تذوق نفس الثمرة.
< كيف تقبلت زوجتك العيش بعيداً عنك، فأنت مقيم في عمّان، وهي في تونس، ألا تخشى عليك من «المعجبات»؟
ـ إن الثقة المتبادلة بيننا هي الحصن الذي يحمينا من كل المشاكل وزوجتي هي التي شجعني على خوض مغامرة الهجرة، وهي مساندة لي دائماً وتدفع بي إلى النجاح.
أما مسألة المعجبات، فهي لا تأثير لها في علاقتي بزوجتي. والطريف بالنسبة للمعلق الرياضي، ان الاعجاب يكون بصوته وأسلوبه، لأن المشاهدين لا يرونه في أغلب الأحيان.
أسباب الخيبة
< لماذا يخرج العرب من كل مونديال بخفي حنين؟
ـ لاحظت أن اللاعبين العرب يغلب عليهم الخوف عند خوضهم للمباريات، فتصفرّ وجوههم وكأنهم قادمون على خوض حرب!، لذلك فهم يبحثون عن تخفيف الهزيمة ولا يضعون نصب أعينهم الانتصار. وقد تبين لي أن اللاعب العربي هش نفسياً، وله مركّب نقص، فما أن يسجل المنافس هدفاً، حتى يرتبك و«تدخل فيه غولة»، حسب التعبير الشعبي التونسي. ثم إن العقلية العربية لا تساعد على النجاح.
< والجمهور الرياضي العربي، كيف تراه؟
ـ لا يعرف الوسطية وينقلب 180 درجة بسبب انتصار أو هزيمة. يرفع لاعباً على الأعناق عند الفوز، ولا يتوانى عن تمريغ أنفه في التراب عند الهزيمة. هذه هي تركيبة الجمهور العربي، بالنسبة إليه، يا أبيض يا أسود.
أقبل النقد
< تم اختيارك أحسن معلق رياضي عربي لعام 2004، لكن ما جوابك على مشاهد كتب في أحد مواقع «الانترنت» يقول إن لغتك في التعليق تغلب عليها الكلمات والتعابير التونسية غير المفهومة، وانه يغلب في تعليقاتك «الصراخ والزعيق والخروج عن المباراة»، حسب تعبيره؟
ـ لأني من محبي الحرية ومن أنصار الديمقراطية، فإني اقبل النقد بصدر رحب ليقيني بأنه من المستحيل أن يحصل إجماع حول شخص.
أما مسألة اللهجة، فقد عاهدت نفسي منذ انتمائي إلى (إيه آر تي)، ان اعلق بلهجة تونسية، وهي اقرب ما تكون إلى العربية الفصحى، ولعل من أسباب