قصة
حياةُ الصّغيرةُ و عصفورُها " كوكو "
كان عندَ حياةَ عصفورٌ جَميلٌ أَسمتْهُ " كوكو " ، و كانَ يُزقزقُ لها في كلَّ يومٍ و يُطربُها بِشدوهِ الأَلحانَ الجميلةَ ، كما اِعتادَتْ في كُلِّ صباحٍ أنْ تجلسَ قريباً مِنَ القَفصِ الذّي يَعيشُ في داخلِهِ عُصفورُها المُغرِّدُ ، و ما يَكادُ " كوكو" يَشعرُ بِقُربِها مِنهُ حَتَّى يَملأَ القَفصَ ضَجيجاً ، و يَرّفُ بِجناحيهِ يِشدَّةٍ و كَأَنَّهُ يُحيِّها تَحيَّةَ الإِصباحِ ، و يُحرّكُ رأسَهُ بِقوَّةٍ ذاتَ اليَمينِ و ذاتَ الشّمالِ مُعبّراً لَها عَنْ اِحترامِهِ و تَقديرِهِ لِعَطفِها و حَنوِها عَليهِ .
و في أَحدِ الأَيّامِ ... خَرجَتْ حياةُ معَ والديها في نزهةٍ إِلى الغابَةِ ، و أَخذَتْ مَعها عُصفورَها المُغرِّدِ ، و في الغابَةِ جلسَتْ حياةُ تَحتَ ظلِّ شَجرةٍ كبيرةٍ ، و وَضعَتْ إِلى جانِبِها عُصفورَها الجَميلِ ، و لَكِنْ هَذِهِ المرَّةَ بَدا " كوكو " سَعيداً و مُبتَهجاً و بَدأَ يُغرِّدُ تَغريداً رائِعاً و فَريداً لأَنَّهُ أَحسَّ بِروعةِ الطَّبيعَةِ ، و بِرِقَّةِ النَّسيمِ العَليلِ في الغابَةِ ، و لَمْ يَمضِ الوقتُ إِلاَّ قليلاً حَتَّى بَدأَتْ الطيورُ و العَصافيرُ تَحطُّ بِأَجنحتِها عَلى أَغصانِ الشّجرةِ التّي تَجلسُ تَحتَها حياةُ معَ عُصفورِها المُدلَّلِ ، و تَملىءُ الجَوَّ بِأَلحانِ تَغريدِها الرّائِعِ و الجَميلِ ، و تَحومُ بِحريَّةٍ في الهَواءِ الطّلقِ مُتنقلَّةً مِنْ شَجرةٍ إِلى أُخرَى ،
فَكانَ " كوكو " يَرى أَبناءَ نوعِهِ مِنَ الطيورَ و العصافيرَ ، و هيَ تَعيشُ حياتَها الطّبيعيَّةِ في الغابَةِ مِنْ دونِ أَنْ يزعجها أَحدٌ ..! فَيَستَجمعُ قواهُ و يَخبطُ بِجناحيهِ مُحاولاً اللّحاقَ بِأَبناءِ نوعِهِ ، و لَكنَّهُ كانَ يَصطدمُ بِالقضبانِ المعدنيَّةِ الرَّفيعَةِ ، و يَقعُ خائِباً عَلى أَرضِ القَفصِ ..! و يُحاولُ ذَلكَ المرَّةَ بَعدَ الأُخرَى ...فَلا يظفرُ بِما يُريدُهُ و يَتمنّاهً ..! فَجلسَ كَئيباً في إِحدَى زوايا القَفصِ ..! و لَمّا شاهدَتْ حياةُ عُصفورَها المُدلّلِ حَزيناً و قَدْ تَوَّقَفَ عَنِ الزَّقزقَةِ و التَّغريدِ ، فَتَحَتْ لَهُ بابَ القَفصِ ، فَهبَّ " كوكو " مِنْ سُكونِهِ ، و طارَ مُحلّقاً خارجَ القَفصِ لاحقاً بِالعَصافيرِ التِّي كانَتْ تَنتظرُهُ عَلى أَغصانِ الشّجرةِ ، و عِندَها أَدرَكَتْ حياةُ أَنَّ الحريَّةَ ليسَتْ ضَروريَّةً لِلإِنسانِ و حسب ، و إِنَّما هيَ مَطلبٌ لِكلِّ الكائِناتِ الحيَّةِ التّي تَعيشُ في الطّبيعةِ ... و ظَلّتْ حياةُ تَزورُ معَ والديها الغابَةَ بِاستمرارٍ لِتَسمعَ إِلى زَقزقَةِ العَصافيرِ ، و لِتسلِّمَ عَلى عُصفورِها الجميلِ " كوكو " .
رغد عبدالرزاق كيلو
سوريا ـــ اللاذقيّة ــ العمر: 12 سنة
مدرسة : أسامة بن زيد