قصة الصحابي " سواد بن قارب " مع الجن لَقد كان سواد بن قارب الدوسي في جاهليته شاعراً و كاهناً على اتصال بالجن يعيش في بلاد اليمن بعيداً عن مكة و لم يكن قد سمع ببعثة النبي قط ، و لكن حمل إليه خبر بعثته صلى الله عليه و سلم جنياً قَد هاتفه بذلك و هو نائم ، كما نصحه الجني و أمره أن يذهب إلى مكة و يؤمن بهذا النبي الكريم المبعوث رحمة للعالمين ، و إليكم القصة من مصادرها .... يذكر الخرائطي في كتابه هواتف الجنان ما يلي :
حدثنا أبو موسى عمران بن موسى المؤذن، قال: ثنا محمد بن عمران "بن محمد بن عبد
الرحمن" ابن أبي ليلى، قال: ثنا سعيد بن عبيد الله الوصافي، عن أبيه عن أبي جعفر محمد
بن علي، قال:
دخل سواد بن قارب السدوسي على عمر بن الخطاب، فقال: نشدتك بالله يا سواد بن
قارب؛ هل تحسُّ اليوم من كهانتك شيئاً؟
فقال: سبحان الله يا أمير المؤمنين! ما استقبلت أحداً من جلسائك بمثل ما استقبلتني
به. قال: سبحان الله يا سواد! ما كنّا عليه من شركنا أعظم ممّا كنت عليه من كهانتك،
والله يا سواد لقد بلغني عنك حديث إنه لعجب من العجب.
قال: أي والله يا أمير المؤمنين، إنه لعجب من العجب. قال: فحدثنيه. قال: كنت كاهناً في
الجاهلية، فينا أنا ذات ليلة نائم إذ أتاني نجيّي، فضربني برجله، ثم قال: يا سواد! اسمع أقل
لك. قلت: هات قال "من السريع":
عجبتُ للجنِّ وإيجاسها ورحلها العيس بأحلاسها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى ما مؤمنوها مثل أرجاسها
فارحلْ إلى الصفوة من هاشمٍ واسمُ بعينيك إلى رأسها
قال: فنمتُ، ولم أحفل بقوله شيئاً، فلما كانت الليلة الثانية، أتاني فضربني برجله، ثم قال:
قم يا سواد اسمع أقُلْ لك. قلت: هات. قال "من السريع":
عجبتُ للجنِّ وأخبارها ورحلها العيسَ بأكوارها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى ما مؤمنوها مثل كفّارها
فارحلْ إلى الصفوة من هاشمْ بين روابيها وأحبارها
قال: فعلمتُ أن الله عزّ وجل قد أراد بي خيراً.
فقمتُ إلى بُردة لي ففتقتُها، ولبستُها، ووضعتُ رجلي في غرز ركاب الناقة حتى انتهيت
إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فعرض عليَّ الإسلام، فأسلمتُ وأخبرته الخبر. قال: إذا
اجتمع المسلمون فأخبرهم.
فلمّا اجتمع الناس قمتُ فقلتُ "من الطويل":
أتاني نجيِّ بعد هَدءٍ ورَقدةٍ ولم يكُ فيما قد بلوتُ بكاذبِ
ثلاث ليالٍ قولُهُ كلَّ ليلةٍ أتاكَ رسولٌ من لؤيّ بن غالبِ
فشمَّرتُ عن ذيلي الإزار ووسَّطت بي الدُّعلبُ الوجناءُ غبر السَّباسبِ
وأعلمُ أنَّ اللهَ لا ربّض غيرُه وأنك مأمونٌ على كلِّ غائبِ
وأنك أدنى المؤمنين وسيلةً إلى الله يا بن الأكرمين الأطايبِ
فمرنا بما يأْتيكَ يا خيرَ مُرسلٍ وإنْ كان فيما جاءَ شيبُ الذَّوائبِ
وكن لي شفيعاً يومَ لا ذو شفاعةٍ سواك بمغنٍ عن سواد بن غاربِ
قال: فسُرَّ المسلمون بذلك.
فقال عمر: هل تحسُّ اليوم منها بشيء؟ قال: أمَّا مُذ علَّمني الله القرآن فلا.
و يقول العلامة صلاح الدين الصفدي في كتابه الوافي بالوفيات عن ترجمة الصحابي سواد بن قارب الدوسي ما يلي :
الدوسي
سواد بن قارب الدوسي؛ كان شاعراً ثم أسلم، وداعبه عمر يوماً فقال: ما فعلت كهانتك يا سواد؟ فغضب وقال: ما كنا عليه يا عمر من جاهليتنا وكفرنا شر من الكهانة، فما لك
تعيرني بشيء تبت منه وأرجو من الله العفو عنه؟ ! وقيل أنه قال له وهو خليفة: كيف
كهانتك اليوم؟ وغضب سواد وقال: يا أمير المؤمنين، ما قالها لي أحد قبلك، فاستحيى
عمر ثم قال: إيه يا سواد، الذي كنا عليه من الشرك أعظم من كهانتك. ثم سأله عن بدء
حديثه في الإسلام وما أتاه به رئيه من ظهور صلى الله عليه وسلم، فأخبره أنه أتاه رئيه
ثلاث ليال متواليات هو فيها كلها بين النائم واليقظان فقال له: قم يا سواد واسمع مقالتي
واعقل إن كنت تعقل، قد بعث رسول من لؤي بن غالب يدعو إلى الله وإلى عبادته، وأنشده
في كل ليلة من الليالي الثلاث أبيات معناها واحد وقافيتها مختلفة وأولها:
عجبت للجن وتطلابها وشدها العيس بأقتابها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى ما صادق الجن ككذابها
فارحل إلى الصفوة من هاشم ليس قداماها كأذنابها
قال: فقمت في الثالثة وقلت: قد امتحن الله قلبي، فرحلت ناقتي ثم أتيت المدينة فإذا
رسول الله وأصحابه حوله، فدنوت فقلت: اسمع مقالتي يا رسول الله، فقال: هات، فأنشأت
أقول:
أتاني نجيي بعد هدء ورقدة ولم يك فيما قد بلوت بكاذب
ثلاث ليال قوله كل ليلة أتاك رسول من لؤي بن غالب
فشمرت من ذيلي الإزار ووسطت لي الذعلب الوجناء بين السباسب
فأشهد أن الله لا شيء غيره وأنك مأمون على كل غائب وأنك أدنى المرسلين وسيلة إلى الله يا ابن الأكرمين الأطايب
فمرنا بما يأتيك يا خير من مشى وإن كان في ما جاء شيب الذوائب
وكن لي شفيعاً يوم لا ذو شفاعة سواك بمغن عن سواد بن قارب
***